
“واشنطن بوست” تكشف تفاصيل مواجهة أميركية إيرانية على الحدود العراقية
بغداد – وكالات
أفادت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، بأن القاعدة الأميركية التي أنشئت في بلدة التنف المحاذية للحدود العراقية وسط الصحراء جنوبي سوريا، لمواجهة “داعش”، وتغير الهدف المراد منها في العام الماضي 2017 عندما بدأت القوات المدعومة من إيران في الضغط على الموقع العسكري المعزول، مبينة أن مصيرها يجسد تناقضاً في سياسة الرئيس دونالد ترمب تجاه إيران.
وأضافت الصحيفة، أن مناقشات البيت الأبيض المشحونة، التي بدأت في مايو/أيار الماضي، وما زالت مستمرة حتى اليوم، توضّح الفوضى التي اتَّسمت بها استجابة ترامب للنفوذ السياسي والعسكري لإيران، في جميع أنحاء الشرق الأوسط، إذ تتمتع إيران الآن بوجودٍ قوي من سوريا إلى اليمن وغيرهما.
وترى الصحيفة الأميركية، أنه بالنسبة لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وصقور إيران، أصبحت تلك القاعدة العسكرية الصحراوية في التنف مقياساً لاستعداد أميركا للتصدي النفوذ الإيراني. ويثير التواجد الأميركي في التنف أيضاً سؤالاً صعباً بالنسبة لترمب: كم من الدماء والأموال هو على استعداد للمخاطرة بها لمواجهة النفوذ العسكري الإيراني؟ وكان المسؤولون الأميركيون يخشون أن تُجتاح القوة الصغيرة المُنكشِّفة المؤلفة من عناصر القوات الخاصة هناك في ظل سعي إيران، التي تقاتل لدعم الحكومة السورية، للسيطرة على طريقٍ بري إلى دمشق والبحر الأبيض المتوسط.
وذكرت الصحيفة، أن التركيز على مواجهة إيران في التنف بدأ بالصدفة، إذ كان الجيش الأميركي عام 2016 يحقق تقدماً ضد متطرفي “داعش” في العراق وسوريا، عندما وافق الرئيس باراك أوباما على برنامج تدريب صغير لقوات سورية عبر الحدود في الأردن.
واقترح البنتاغون إدخال المقاتلين المدعومين من الولايات المتحدة في التنف، التي تمت استعادتها من المسلحين في ذلك العام، وكانت إحدى النقاط الجاذبة لاختيار ذلك الموقع العسكري الصحراوي هو عزلته.
وكان يُنظر إليه باعتباره من السهل نسبياً الدفاع عنه، لأنه محاطٌ بأميالٍ من الرمال، وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى، “إنه مثل المريخ هناك، مجرد صحراء وطريق”.
في البداية، كانت الخطة تتمثل في نقل القوات في التنف ومستشاريهم الأميركيين شمالاً على طول الحدود مع العراق، حيث تُربَط بالوحدات الأخرى المدعومة من الولايات المتحدة، التي تقاتل داعش وتساعد في استعادة معبر البوكمال الحدودي الاستراتيجي بين البلدين.
لكن قبل أن يتمكنوا من الخروج، تقدَّمت القوات المدعومة من إيران بالتحالف مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد باتجاه الحدود العراقية، مما عرقل التحرك الأميركي المخطط له شمال شرقي البلاد.
وبدلاً من شقّ طريقهم عبر خطوط العدو، مكثت القوات المدعومة من الولايات المتحدة ومستشاروها الأميركيون، بدأ الجنود الأميركيون الذين في البداية قاموا بالتحرك حول البؤرة العسكرية في مهمات على مدار 24 ساعة، يستعدون للبقاء لفترة أطول تمتد لأيام وحتى أسابيع.
وتحولت المهمة الضبابية في قاعدة التنف بهدوء من قتال “داعش”، التي فقدت تدريجياً موطئ قدمها الصغير في المنطقة، لمواجهة الوجود الإيراني المتزايد.
وبدأت القوات المدعومة من إيران سريعاً في تحدي الوجود الأميركي، في محاولة، كما يعتقد المسؤولون الأميركيون، لاستعادة معبر حدودي قريب، والربط بالقوات المتحالفة معها في العراق، بحسب الصحيفة.
وفي مايو/أيار العام الماضي 2017، أطلقت الطائرات الحربية الأميركية النارَ على عدد من القوات التابعة لنظام الأسد، بما في ذلك رجال الميليشيا المدعومون من إيران، الذين كانوا يتجهون نحو القاعدة العسكرية الأميركية.
وقال مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية، عن الهجمات تحدَّثَ على غرار المسؤولين الآخرين بشرط عدم الكشف عن هويته، “لقد كانت أسابيع قليلة مخيفة”، كما عزز البنتاغون المراقبة الجوية على القاعدة الأميركية، وعزز القوات هناك بأسلحة مضادة للدبابات لحماية أفضل ضدَّ أي هجوم إيراني مدرع.
لكن ترمب، كما يبدو في كثير من الأحيان، غير راغب في المخاطرة بصراع مفتوح مع إيران، هو يميل إلى معارضته للاتفاق النووي خلال المناقشات حول الاستراتيجية الأكبر بشأن إيران، حسبما قال مسؤولون حاليون وسابقون.
وقال في مؤتمر صحفي، “سيكون لدينا عائق قوي للبحر الأبيض المتوسط، وهذا بالنسبة لي مهم للغاية، لأنه إذا لم نفعل ذلك، فستكون إيران متجهة مباشرة إلى البحر الأبيض المتوسط”. وأضاف “سوف نعود إلى الوطن في وقت قريب نسبياً”.
وتقول صحيفة “واشنطن بوست”، يكاد يكون من المؤكد أن أي إجراء قد تسعى الولايات المتحدة إلى تنفيذه ستكون له تكاليف سلبية، مما قد يزيد من المخاطر التي قد يتعرض لها الموظفون الأميركيون، وفي سوريا، السؤال الكبير هو: ماذا، إذا كان هناك أي شيء، سيخلف الوجود الأميركي في التنف إذا ما تابع ترمب وعده بإخراج القوات الأميركية من سوريا.