
تعرضت للمساومة على شرفها.. زوجة داعشي تروي لـ”الجورنال” معاناتها (قصة حقيقية)
بغداد – الجورنال
لم تكن سلمى ابنة الست سنوات واختها مريم ذات الاربع سنوات على علم بأن القدر سيجعل منهما ابنتان لاحد الاشخاص المنتمين لاخطر تنظيم اجرامي (داعش) خلال اول سنة لدخوله مدينة الموصل في العراق.
فاطمة (اسم وهمي) وهي زوجة الداعشي عبد الرحمن (اسم وهمي) الذي كان له ميول متطرفة والتي تعززت ابان سيطرة المجاميع الارهابية التابعة لتنظيم داعش الاجرامي على بعض مدن العراق حينما بدأت تبث افكارها المسمومة في مدينة الموصل (الحدباء)، ذات الافكار انسجمت مع افكار عبد الرحمن.
وتروي فاطمة، احداث انخراط زوجها في صفوف التنظيم، قائلة بانه “أخذ يستمع لخطبهم التحريضية في المدينة والتي كانت تحرض على الفتنة والعنف والاقتتال بين ابناء المدينة الواحدة، وخلال فترة قصيرة جداً استهوته الفكرة، حينها بدأ التقرب الى هذه المجاميع وانظم لها، وهنا بدأت مرحلة جديدة محفوفة بالمخاطر والخوف في حياة هذه العائلة مصحوبة بالكثير من التشتت والضياع خاصة وان الزوج (عبد الرحمن) اخذ يطبق العنف الخارجي الذي يمارسه على الضعفاء ليعكسه داخل منزله من خلال معاملة زوجته وطفلتاه بقسوة نظرا للمناظر البشعة والتي يقترفها هو ومن معه من الارهابيين، وهنا عانت هذه الاسرة البسيطة ويلات اليتم والاب على قيد الحياة.
قتل الزوج
وتكمل فاطمة حديثها عن ابنتاها سلمى ومريم (اسماء وهمية) وتقول انهما “كانتا صغيرتان ونظرا للمشاهد البشعة التي اصطحبها ابوهما للمنزل جعل منهما تخافان التقرب منه او التحدث اليه، حيث قطعت الرحمة والرأفة في تعامله معهم، الا انه وفي ظل هذه الاجواء التي يسودها الخوف والهلع اتى خبر قتل الاب عبد الرحمن خلال مناوشات مع القوات الامنية ليترك خلفه اسرة لا ذنب لها ولا جريرة تقارع قسوة الحياة .”
السفر الى بغداد
وتستدرك فاطمة سردها للاحداث قائلة “بعد مقتل الزوج سافرتُ بصحبة بناتي الاثنتين الى العاصمة بغداد على أمل ان نجد من يؤينا ويلملم جراحنا ولكن كل ما كنت اتوقعه لم يحدث، إذ ان والدي مطلقان منذ مدة ليست بالقليلة، فأرتأيتُ الذهاب الى والدي والذي عاملني بازدراء وطردني من منزله وسط تشفي زوجته بي، فقررت ُبعدها الذهاب الى والدتي الا ان خالي رفض تلك الفكرة خوفا من اي مسألة قانونية قد يتعرض لها، اضافة الى التحجج بالامور المادية.
وبعد فشل محاولات عدة قررت فاطمة البحث عن اقاربها على أمل ايجاد حل او شخص منهم يتفهم موقفها الحرج، الا انه بعد لقاءات عديدة اجرتها مع الاهل والاقارب ادركت الام ان جميع الابواب أغلقت امامها ولا وجود لأي بصيصٍ للامل.
الشرف مقابل السكن
وتكمل فاطمة “بعد ما رأته عيناي من مشاهد صعبة وقتل ودماء وتعنيف اضافة الى طردي من قبل اقرب الناس لي الا انني شعرت بالراحة قليلا حينما تواصلت مع احدى اقربائي في بغداد وتقبلت فكرة مكوثي عندها الا ان هذه الراحة لم تستمر الا فترة وجيزة حينما تعرضتُ للمساوة على شرفي من قبل زوج قريبتي وهنا قررت الرحيل وترك كل شيء خلفي وان اجد لنفسي عملا يعينني وبناتي”.
فاطمة واحدة من مئات الحالات التي ما تزال اثار داعش الارهابي واضحة عليهن الا انها لم تستلم لكل الظروف التي واجهتها وفعلا هي تكافح من اجل العمل في احد مناطق بغداد وتمارس “الحياكة” رغم انه لا يكفي لها ولبناتها لكنه افضل ما وجدته بعد الاستغلال الذي لاقته في مسيرة حياتها.
الدموع لم تفارق فاطمة وهي تنطق باحرف معاناتها لأيام وليالي طويلة، وتارة ما تتطرق بالحديث عن مستقبل بناتها المجهول واللتين لا يمتلكان مستمسكات تثبت هويتهم، وتارة اخرى ما تعبر عن ندمها كونها اقترنت بهذا الشخص.
واخيراُ دعت فاطمة في اخر حوارها الى الابتعاد عن روح الفتنة والتعايش السلمي بين جميع الطوائف والقوميات فالزهور على اختلاف الوانها ما هي الا حكمة من الله، ولو أراد لكانت تحمل نفس اللون والراحة وكذلك الناس، فلا بد من ان يتقبل احدنا الاخر فبالحب والعطاء يعيش الانسان وننعم بالسلام ونطوي صفحة عانينا منها لكنها لم تنهينا وها انا ذا امامكم اعيش بكرامة وكلي امل بغدٍ أجمل.