
مطالبات بابعاد العناصر المتشددة وإجراء مصالحة
بغداد – سعد الكعبي
يبدو المشهد العراقي السياسي هذه الايام مشابهاً للفترة التي سبقت الكشف عن تقرير كروكر- بترايوس الذي حدد الملامح العامة للوضع العراقي منتصف صيف عام 2007 في اعقاب انسحاب كتلة التوافق اكبر الممثلين للمكون السني، والصدريين والمجلس الاعلى، من حكومة نوري المالكي وما نتج عنها بعد ذلك من ابعاد للعناصر المتشددة في العملية السياسية وفسح المجال للحكومة المهددة بالسقوط لالتقاط الانفاس.
ويعاني الوضع السياسي العراقي الداخلي من حالة الجمود في الساحتين الوطنية و الإقليمية، وتبدو الساحة العراقية مهيأة لاحداث ساخنة في ظل التصعيد الكبير الذي اتخذته كتلة اتحاد القوى العراقية الممثلة للمكون السني في العملية السياسية والشريك الهام في الحكومة التي يرأسها الدكتور حيدر العبادي.
ويرى مراقبون ان العديد من الملفات الهامة التي تتعلق بالساحة الوطنية، مازالت تراوح في مكانها دون ان تحسم، ما اهدر ساعات من العمل الجاد والمتواصل من بعض الكتل السياسية، لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء سواء داخل التحالف الوطني او في مساحة العملية السياسية.
ويشير المراقبون الى ان البعض يحاول ان يضغط على البعض الاخر في العملية السياسية للحصول على مكاسب فئوية وشخصية من دون الالتفات للمصلحة العراقية العليا بما في ذلك استخدام كافة وسائل الضغط السياسية واللوبية والحروب الكلامية وغير الكلامية، لكنها لم تستطع ان تحسم النزاع لطرف دون اخر وعلى مستوى العراق ، كما هو الحال في قضية المقدادية.
النائب محمود المشهداني قال في تصريح لـ(الجورنال) ان أساس المشكلة هو ان العرب السنة والعرب الشيعة غير متفقين وان لديهم اجندات مختلفة وبعضها متصل بذيول خارجية. وبالتالي يجب ان نقوم بعمل جاد في هذا الاتجاه، وقبل التاسع من حزيران وسقوط الموصل كنا ننادي بمصالحة بين الكيانات السياسية، ولكن بعد ذلك التاريخ لم تعد تلك المصالحة ذات جدوى.. نعم هي مهمة ولكنها ليست الحل، لأن النزاع الطائفي وصل الى العمق، وعلينا القيام بمصالحة من نوع آخر، بمعنى مصالحة بين المكونات وليس بين الكيانات.
واضاف المشهداني انه :” يجب ان نجري مصالحة تاريخية بين العرب السنة والعرب الشيعة، وقد اشتغلنا على ذلك منذ عام، اتصلنا بنحو 20 قائدا من الخط الثاني من إخوتنا العرب الشيعة وليس بزعاماتهم، للنقاش معهم، وقلنا لهم انه بعد 10 سنوات لم تستطيعوا ان تحكموا العراق بعيدا عن السنة، وقلنا لقيادات السنة، ان مكونكم بعد 10 سنوات بات ممزقاً بين مهجر ونازح ومهاجر خارج العراق”.
بدوره قال المحلل السياسي محسن خليل لـ (الجورنال) ان الادارة الامريكية وعدت انذاك (بحماية النظام الديمقراطي في العراق، واحترام الدستور والوقوف بحزم امام اية محاولة لتعطيله او تعليقه او تجاوزه، وتحقيق المصالحة الوطنية)…. هكذا وكأن العالم لا يعرف ان الحماية الامريكية للديمقراطية في العراق كلفت شعب العراق حياة اكثر من مليون ونصف المليون من ابنائه على أيدي قوات الاحتلال والقوات العميلة، وأن ادارة بوش ظلت تتحدث عن المصالحة الوطنية وتعقد لها المؤتمرات والاجتماعات طيلة سنوات الاحتلال بينما الشرخ داخل المجتمع العراقي يزداد إتساعا.
من جانبها أكدت النائبة عن ائتلاف دولة القانون نهلة الهبابي أن هناك بعض النواب داخل مجلس النواب هم ابواق لدولٍ إقليمية لإثارة الفتنة والنعرات الطائفية في ديالى وبغداد ، لافتة إلى أن تلك الأبواق تدعم العصابات الإرهابية (داعش) في مخطط تقسيم العراق.
المراقبون يرون في تقييم لوضع المكونات العراقية ان هناك العديد من المحاولات الجادة لحسم كافة مشاكل العملية السياسية التي تعاني منها منذ اعوام ،خاصة العلاقة مع السنة والكرد، لذلك فان السنة اذا ما تمكنوا من انتاج قيادة معتدلة تقبل بالحكومة العراقية وتعترف بالتحالف الوطني والتماشي والتفاعل معه فعند ذاك سوف لا يرفض التحالف الوطني هذا التوجه وإنه سيقبل به، وان اي مشروع وطني يقدمونه لابد ان يعتمد على عدد من المبادئ الهامة منها ابعاد المتشددين عن اجوائهم، وادانة الارهاب اياً كانت المسميات، واخيرا الاعتراف بهم من قبل الداخل والاقليم والدولي.